النافذة المكسورة… ومستقبلنا
نظرية النافذة المكسورة قامت على تجربة ترك سيارة مفتوحة النوافذ وبلا لوحات في حي غني يلتزم أهله بالقانون فتطلب الأمر عدة أيام لتخريب السيارة وتدميرها بالكامل ، ثم اعيدت التجربة بعد كسر إحدى نوافذها فلم يتطلب الامر سوى بضع ساعات لنهبها وتدميرها مما استحدث نظرية اطلق عليها النافذة المكسورة وتتلخص بأن إهمال معالجة أي مشكلة في بيئة ما بغض النظر عن حجمها سيؤثر على مواقف الناس بشكل سلبي مما يؤدي الى مشاكل أكبر وأكثر والعكس صحيح فمعالجة المشاكل الصغيرة في بداياتها سيؤدي الى بيئة أحسن ومجتمع أفضل .
وأعتقد أننا في هذا البلد أحوج مانكون الى تطبيق تلك النظرية في كافة نواحي الحياة لدينا لأننا وجدنا وخصوصاً بعد الحرب الغاشمةالتي شُنت علينا أن بعض المسؤولين لا يوقّع عقد قبل أن يقبض عليه وأن الموظفين كثر عددهم أم قلّ يأخذون الرشوة من المواطن مقابل آداء عملهم المكلفين به وتم التغاضي عنهم خلال الفترة السابقة ولم يتم أي تطبيق عقوبة عليهم وذلك شجّع الأخرين استسهال ذلك والقيام بذات الشيئ وأصبح هذا الأمر عند البعض عرف بأن لا يقوم الشخص بعمله المطلوب منه دون استفادة مادية له ، كما كان السماح لبعض الطلاب بالغش في الإمتحان من قبل بعض المعلمين أو المشرفين الفاسدين لقاء منفعة مادية وفي مختلف قطّاعات ومستويات التعليم قد جعل الطلاب الأخريين يستسهلون الغش مما أدى الى تخريب في العملية التعليمية وتخريج عدد لا يستهان به من طلاب لاتفقه من العلم شيئاً والخشية إن لم يعالج هذا الأمر بردع قاسي وموجع أن يؤدي في المستقبل الى إنهيار المجتمع بنتيجة تدهور العملية التعليمية والتربوية، والكثير من التجار الذين تلاعبو بلقمة عيش المواطن برفع الأسعار واحتكار المواد مع تغاضي بعض الجهات الحكومية عنهم أدت الى حالة فلتان الأسواق وقس على ذلك جميع قضايا المجتمع الصحية والاجتماعية والبيئية.
إن الذي نواجهه اليوم هو نتاج تراكم لأفعال وسلوكيات تم تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي ، ونتمنى اليوم البدء بمعالجة جديدة والضرب بيد من حديد في محاربة الفساد ومعاقبة المسؤولين عنه وتطبيق العقوبة الرادعة والمناسبة بحقهم حسب حجم الإساءة صغيرة كانت أم كبيرة والتي تجعل الأخرين يفكرون مليون مرة قبل الإقدام على عملية فساد أو رشوة ، وذلك طبعاً بعد تحسين مستوى الدخل والمعيشة للموظف والمواطن ، بالإضافة الى فرض القانون على الجميع الكبير قبل الصغير دون محاباة آملين أن تكون محاولة إصلاح النوافذ المكسورة الخطوة الأولى على سكة بناء مجتمع جديد يكون فيه لأطفالنا ولأجيال الغد مستقبل أفضل وحياة أجمل .
م.هيثم ابراهيم